فتاتان تبتكران كرسياً متطوراً للتخفيف عن ذوي الإعاقة

 
عند اختيارهما للفكرة لم يقتصر تفكيرهما على كونهما خريجتين من كلية الهندسة في جامعة الأزهر، فمشاعرهما الإنسانية كانت الدافع الأول وراء طموحهما بصنع شيء يفيد أصحاب الإعاقة الحركية الذين بترت أطرافهم خلال الحرب الإسرائيلية على غزة، ومن هنا كانت فكرة مشروع تخرج الطالبتين آلاء الخطيب ونسمة السموني (23 عاماً) على ابتكار كرسي متحرك لأشخاص من ذوي الإعاقة يتحرك بالأوامر الصوتية.


تلبية الاحتياجات


تقول الخطيب لـ"فلسطين": "فكرة المشروع تقوم على أساس اختراع كرسي متحرك بخصائص تناسب ذوي الاعاقة الحركية بمختلف أنواعها، بدءًا من ذوي الإعاقة الحركية الجزئية، وصولاً لذوي الشلل الرباعي، ويمكن استخدامه من قبل كبار السن أيضًا".

وأوضحت أن تصميم الكرسي جاء ليلبي الاحتياجات اليومية الأساسية التي تمثلت بمجموعة مهام، قاموا بجمعها من خلال استبيانات وزعوها على جمعيات خاصة بذوي الإعاقة الحركية.

وبيّنت السموني أن هذه الاحتياجات تتمثل في امكانية تحول الكرسي إلى سرير والعكس، وامكانية ارتفاعه لما يقارب مترا للأعلى، واحتواء الكرسي على مراوح لتجديد الهواء أسفل المريض لحمايته من تقرحات العظم، كما يحتوي على مرحاض خارجي يسهل له عملية قضاء حاجته، بالإضافة إلى أن الكرسي المتحرك يتحرك في جميع الاتجاهات، وبسرعات مختلفة، وكل هذه الحركات تنفذ عن طريق الأوامر الصوتية للمريض.

فيما تقول زميلتها السموني إن سبب اختيارهم لهذه الفكرة، هو مساعدة أبناء الشعب الفلسطيني، وخاصة أبناء قطاع غزة بعد الحروب الأخيرة على القطاع التي تعمد فيها الاحتلال الإسرائيلي استخدام صواريخ تتسبب ببتر أطراف المصابين بالحرب، والتي أدت إلى ارتفاع نسبة مرضى الشلل ليصل عددهم إلى حوالي 3 آلاف شخص من ذوي الإعاقة".

وأضافت: "قضية المعاق هي قضية وطن، وهي قضية إنسانية، فكان علينا كمهندستين فلسطينيتين مساعدة هذه الفئة من أبناء شعبنا، التي من شأنها أن تسهل حياتهم اليومية عن طريق تصنيع وتطوير هذا الكرسي".

وأشارت السموني إلى أن الهدف من المشروع هو التخفيف من المشاكل التي يعاني منها مرضى الشلل، فالعديد من المرضى يجدون صعوبة بالتحكم بحركة الكرسي، وصعوبة الوصول إلى الأماكن المرتفعة، والحرج من الاعتماد على أنفسهم عند استخدام المرحاض، كما يجدون صعوبة عند الانتقال من الكرسي إلى السرير أو العكس، كما أنهم يعانون أيضًا من تسلخات جلدية وتقرحات بالعظام، بسبب مكوثهم فترات طويلة على الكراسي العادية، فكان الكرسي عبارة عن حلول للمشاكل التي يعاني منها ذوو الإعاقة.



مشاكل وعقبات


واستكملت الخطيب حديثها: "هذا العمل لم يكن خاليا من العديد من المشاكل والمعيقات التي واجهتنا أثناء تنفيذ المشروع، وتمثلت المشكلة الرئيسية بعدم توفر القطع اللازمة للتصنيع، بسبب القيود التي يضعها الاحتلال الإسرائيلي على البضائع التي تدخل على القطاع، ولكن كمهندستين كان علينا دائمًا حل المشاكل وإيجاد البدائل فقمنا بشراء القطع المستعملة من أسواق "الخردة" والأسواق المشابهة".

وقامت الخريجتان باستيراد القطعة الخاصة ببرمجة الصوت من أمريكا، وصولًا إلى الضفة ومن ثم إلى غزة، ولكن أثناء تجربة وتطوير المشروع تعرضت هذه القطعة للتلف، فقاموا بتحويل التحكم بالكرسي من الصوت إلى الحركة اليدوية عن طريق المفاتيح، ولم يدخل اليأس قلوبهم أو تثبط عزيمتهم، بل عملوا جاهدين على توفير القطعة الخاصة بالصوت مرة أخرى، وتحريك كافة الأوامر بالصوت. 

وأوضحت السموني أن هذه المشاكل ضاعفت من الوقت والجهد المبذولين لتصنيع المشروع، فحسب حديثها فإن هذه المشاكل زادت من عزيمتهما وإصرارهما، ووسعت مدارك تفكيرهما، لتجعلهما أكثر قدرة على الابداع والابتكار.

ونوهت إلى أن المدة التي استغرقها تنفيذ المشروع تصل إلى 8 أشهر، وبلغت تكلفة الكرسي خمسة آلاف دولار، آملين أن يتم دعم المشروع واحتضانه من قبل المؤسسات المعنية بمرضى الشلل، والتمكن من تأسيس شركتهما الخاصة بتصنيع العديد من الكراسي الخاصة بأصحاب الإعاقات الحركية